التعريف بالإمام ورش وروايته عن نافع

التعريف برواية ورش عن نافع

تعدّ رواية ورش عن نافع إحدى الروايات المتواترة التي يتلى بها القرآن الكريم في العالم الإسلامي. وقد اشتهرت هذه الرواية بدقّة أحكامها وجمال أدائها وانتشارها الواسع في بلاد المغرب والأندلس. أمّا ورش – أحد أبرز قرّاء الأمة – فهو الراوي الذي نقل إلينا قراءة شيخه الإمام نافع المدني.


أولاً: من هو ورش؟

  • الاسم الكامل: عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان بن إبراهيم.
  • الكنية: أبو سعيد، المصريّ.
  • اللقب: ورش، وهو لقب لازمه حتى صار لا يُعرف بغيره.

سبب تلقيبه بورش

تعددت الروايات في سبب هذا اللقب، وأشهرها:

  1. أن الإمام نافع لقّبه بـ الورشان – وهو طائر يشبه الحمامة – لخفة حركته ونشاطه، ثم خفف الاسم فقيل “ورش”.
  2. وقيل: سُمّي بذلك لشدّة بياضه؛ فالـ”وَرْش” شيء يُصنع من اللبن، فناسب لونه.
  3. وكان ورش يُحب هذا اللقب كثيرًا، ويقول: «أستاذي نافع سمّاني به».

ثانياً: مولده ونشأته

ولد ورش سنة 110 هـ في قفط بصعيد مصر، وأصوله تعود إلى مدينة القيروان. نشأ محبًّا للقرآن وعلومه، ثم رحل إلى المدينة المنورة ليلتقي بالإمام نافع بن أبي نعيم ويأخذ عنه مباشرة.


ثالثاً: صفاته ومناقبه

وُصف ورش بأنه:

  • أشقر، أزرق العينين، أبيض اللون.
  • قصير القامة، ذو بنية مائلة للامتلاء.
  • كان يرتدي ثيابًا قصيرة تظهر منها ساقاه، مما جعل شيخه يزيد في مناداته بـ”يا ورشان!”.

وقد جمع بين:

  • جمال الصوت
  • إحكام التجويد
  • تمكّنٍ من النحو والعربية
  • دقّة في الأداء والهمز والمد والإعراب

يقول ابن الجزري في وصف قراءته:

«كان ورش جيّد القراءة، حسن الصوت، يُهمز ويُمد ويُشدد ويُبين الإعراب، لا يمله سامع».

كما قال أبو يعقوب الأزرق – وهو من أشهر من روى عنه – إن ورشًا لما أتقن النحو والعربية، اختار لنفسه مقرَأً خاصًا عرف فيما بعد بـ مقرإ ورش.


رابعاً: رحلته مع الإمام نافع

رحل ورش إلى المدينة المنورة سنة 155 هـ، فعرض على شيخه الإمام نافع القرآن كاملاً عدة ختَمات، وأخذه عنه مباشرة دون واسطة. ولذلك يعتبر من القسم الأول: أي الذين تلقّوا القرآن عن الإمام أصلًا.

وقد كانت له بعض الاختيارات الخاصة في القراءة، مما يدل على قوة فهمه وتحقيقه.


خامساً: مكانته العلمية

عاد ورش إلى مصر بعد إتقانه للقراءة، فتصدّر للإقراء، وانتهت إليه رياسة الإقراء في الديار المصرية، فلم ينافسه أحد في حرفيته وأدائه.

ومن أبرز سماته العلمية:

  • وثوق نقله وتحرّيه.
  • رسوخ قدمه في علوم العربية.
  • طول مدة تدريسه للناس.
  • انتشار روايته في مصر والمغرب والأندلس.

وقد ساهم تلميذه قالون – وهو أيضًا راوية عن نافع – في نقل الرواية، فكان كلاهما من أعلام الإقراء في عصرهما.


سادساً: وفاته

توفي ورش رحمه الله في مصر سنة 197 هـ، بعد حياة حافلة بخدمة القرآن وتعليمه، تاركًا أثراً علميًّا عظيماً لا يزال ممتدًا إلى اليوم.


خلاصة

ورش عن نافع ليست مجرد رواية، بل مدرسة صوتية وأدائية متميزة، حملها قارئ عظيم تفرّد بالجودة والتحقيق، حتى أصبحت الرواية الأشهر في بلاد المغرب الإسلامي. وما زال المسلمون يتعبدون الله بتلاوتها، ويتوارثون سندها جيلاً بعد جيل.

أضف تعليق