وثيقة المدينةوثيقة المدينة

تمهيد:

تعد وثيقة المدينة حدثا فارقا في تاريخ الإسلام، إذ كانت مؤسسة لما بعدها من الأحداث.

فما المقصود بهذه الوثيقة؟ وكيف أثرت على مجتمع المدينة؟

المحور الأول: خصائص المجتمع المدني قبل وثيقة المدينة:

1-    المجتمع اليثربي قبل الهجرة النبوية

عرقيا: كان يتكون من الأوس والخزرج والقبائل اليهودية، ثم انضاف إليهم المهاجرون القرشيون وغيرهم.

دينيا: يتكون من المشركين واليهود والمسلمين.

سياسيا: كانت هناك خلافات عدة وحروب وتطاحنات دائمة على الزعامة السياسية او حتى الروحية.

طبقيا : كانت هناك طبقة الأسياد وطبقة العبيد

إذن فالمجتمع اليثربي كان يتكون من عدة أطياف ومعتقدات متنوعة ومتناقضة ومتخاصمة.

2-    المجتمع المدني بعد الهجرة النبوية :

وبعد هجرة الرسول صلى الله وسلم ، أسلم أغلب من تبقى من قبيلتي الأوس والخزرج وسماهم الرسول صلى الله عليه وسلم ب(الأنصار) فأصبحت المدينة النبوية تتكون من : – الأنصار – المشركين من الأوس والخزرج – اليهود – المهاجرين

المحور الثاني : بنود وثيقة المدينة التي ترسي قيم السلم والتعايش:

–        وثيقة المدينة : هي الدستور والقانون الأسمى الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة ، من أجل تنظيم العلاقات بين مكونات المجتمع المدني ، وبيان حقوق كل طرف وواجباته.

ومن بين بنود هذه الوثيقة ، بنود تحث على السلم والتعايش داخل مجتمع المدينة ، منها :

1-     بنود تنظم علاقة المسلمين بعضهم ببعض:

–        الوحدة : “أنهم أمة واحدة من دون الناس”

–        المساواة : “وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم”أي أن الأمان إذا أعطي لشخص ما فهو يسري على جميع المسلمين وإن كان الذي أعطى الأمان شخصا ليس ذا وجاهة في المجتمع.

–        نصرة المظلوم : “وأن المؤمنين المتقين على من بغى عليهم” بغى : أي اعتدى.

2-    بنود من وثيقة المدينة تنظم علاقة المسلمين باليهود :

–        حرية المعتقد : “لليهود دينهم وللمسلمين دينهم”

–        النصرة والحماية وعدم الظلم : ” وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم”

–        أخذ الأمان منهم بعدم محاربة الرسول أو مناصرة عدوه

3-    بنود عامة من وثيقة المدينة لجميع أفراد المجتمع :

–        الأمن والأمان : “وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة “

–        حرية الإقامة والتنقل: “وإنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم أو أثم”

المحور الثالث: منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في إرساء بنود وثيقة المدينة

ونظرا لما لوثيقة المدينة من أهمية في تنظيم العلاقة بين مكونات المجتمع المدني ، والحفاظ على الأمن والأمان ، فقد حرص رسول الله صلى الله وسلم على التزام الجميع ببنود هذه الوثيقة وذلك من خلال:

  قوة معنوية:

إيمان الناس بالله، قال الله تعالى: وَمَا لَكُمْ لَا تُومِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُومِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدَ اَخَذَ مِيثَٰقَكُمُۥٓ إِن كُنتُم مُّومِنِينَۖ سورة الحديد الآية 8 ، وتذكيرهم بمراقبة الله عز وجل، كما نصت على ذلك وثيقة المدينة. “وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره”

   قوة مادية :

رئاسة الرسول صلى الله عليه وسلم للدولة.

   قوة قانونية :

تتمثل في بند الرجوع إلى الله ورسوله في حالة الاختلاف، “وإنكم مهما اختلفتم فيهمن شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم”

وبالإضافة إلى ما سبق، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد اتبع قوة ناعمة، وسلك سبيل السياسة في تنزيل بنود الوثيقة، من خلال:

  • محاورة اليهود وطمأنتهم على حقوقهم
  • مؤاخاة الأنصار (الأوس والخزرج) والمهاجرين
  • توحيد المسلمين واليهود في حماية المدينة والدفاع عنها
  • الحزم والصرامة مع كل من حاول نقض هذه الوثيقة

المزيد من دروس الثالثة

تصفح الكتاب المدرسي: في رحاب التربية الإسلامية للثالثة إعدادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error

المرجو مشاركة الدروس مع من تعرف من التلاميذ