المحتويات
حق الله: شكر الله
تمهيد
أنعم الله تعالى على الإنسان بنعمٍ كثيرة، ظاهرة وباطنة، ومن تمام الإيمان أن يُقابل هذه النعم بالشكر لا بالغفلة والجحود. فالشكر عبادة تجمع بين الإيمان والعمل، وهو من أعظم حقوق الله على عباده.
قال تعالى: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ﴾ [الكهف: 1] ابتدأ الله السورة بالحمد، وهو أعظم صور الشكر، ليدلّنا على أن الاعتراف بفضل الله أصل كل عبادة.
المحور الأول: مفهوم الشكر وفضله
1. مفهوم الشكر
الشكر في اللغة: الثناء على المنعم.
وفي الاصطلاح: اعتراف القلب بنعمة الله، والثناء عليه باللسان، وصرف النعمة في طاعته بالجوارح.
فمن عرف النعمة وشكر المنعم فقد عبده حقًّا، ومن جحدها فقد كفر بها. لذلك قال العلماء: الشكر نصف الإيمان، والصبر نصفه الآخر.
2. فضل الشكر
قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ﴾ [إبراهيم: 7] يبين الله أن الشكر سبب لدوام النعم وزيادتها، وأن كفرانها سبب لزوالها. والشكر عبادة تُطهّر القلب من التكبر، وتقرّب العبد من الله تعالى.
المحور الثاني: المداومة على شكر الله وكيفيته:
1. المداومة على شكر الله والتحذير من الغفلة
من شكر الله في السرّاء والضرّاء دام في نعمة الله، أما من غفل وجحد فقد خسر خير الدنيا والآخرة. وقد قصّ الله علينا في سورة الكهف مثل صاحب الجنتين الذي اغترّ بماله وكفر بنعمة ربه، فقال تعالى: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا﴾ [الكهف: 35] ثم قال سبحانه بعد زوال نعمته: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيۡهِ عَلَىٰ مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا﴾ [الكهف: 41] دليل على أن الغفلة عن شكر النعم تؤدي إلى زوالها وهلاك صاحبها.
2. كيفيّة شكر الله
قال تعالى: ﴿ٱعۡمَلُوا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13] يدلّ قوله “ٱعۡمَلُوا“ على أن الشكر الحقيقي لا يكون باللسان فقط، بل بالعمل الصالح واستعمال النعم في طاعة الله.
وشكر الله يكون بـ:
- القلب: إدراك فضل الله والتواضع له.
- اللسان: الحمد والذكر والدعاء.
- الجوارح: أداء العبادات بإخلاص، وخدمة الناس، وحسن استعمال النعم.
وفي حياة التلميذ يظهر الشكر في الاجتهاد في الدراسة، وبرّ الوالدين، واحترام الآخرين، والمحافظة على النعمة وعدم تبذيرها. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.”(رواه البخاري ومسلم)
يدل الحديث على أن التوحيد هو أساس الشكر، فكل من أخلص العبادة لله فقد شكره، ومن أشرك به فقد جحد نعمته.
الخلاصة
شكر الله عبادة عظيمة تحفظ النعم وتزيدها، وتربي المسلم على الاعتدال والطاعة. أما الغفلة وكفران النعمة فسببٌ للهلاك والزوال.
التوحيد أصل الشكر، والشكر سبيل البركة والنجاة
للمزيد من الدروس:
- القناعة والرضا الدرس السادس للجذع المشترك
- حق الله: شكر الله، الدرس الخامس للجذع المشترك
- فقه العبادات: الصلاة الزكاة الصيام – المفاهيم والمقاصد، الدرس الرابع للجذع المشترك
- فقه السيرة: الغايات والمقاصد الدرس الثالث للجذع المشترك
- التوحيد وأدلته، الدرس الثاني للجذع المشترك




